[left]
استمع لابنك المراهق لحظة تكسبه عمرًا كاملاً
الإبداع في التواصل مع الأبناء قرار يتخذه المربي ولا يقوى عليه المعلم ويعجز عنه المؤدي
في مركز شروق للتواصل الأسري التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أقام د. محمد فهد الثويني رئيس تحرير مجلة [ولدي] محاضرة بعنوان 'أبناؤنا واثقون' تحدث فيها عن الإبداع في التواصل مع الأبناء في مرحلة المراهقة وحدد القوانين أو المهارات التي تساعد الوالدين على التواصل مع أبنائهما المراهقين..
اقرؤوا معنا هذه الصفحات..
ما هو الإبداع في التواصل؟
عرف الدكتور الثويني الإبداع في التواصل بأنه 'قرار جاد في التغيير نحو القدرة على كسب ثقة المراهقين الفتيات والفتيان يتخذه المربي ولا يقوى عليه المعلم ويعجز عنه المؤدي'.
قوانين الإبداع
وأضاف الدكتور أن الأبناء في مرحلة تكوين الشخصية التي تبدأ مع مرحلة المراهقة '7سنوات ـ 21سنة' يحتاجون إلى خمسة قوانين يتبعها الوالدان لتساعدهم في التواصل مع أبنائهما بسهولة وإبداع:
ـ الكفاية الذاتية نجاح والاعتمادية فشل.
ـ تجنب القسوة والدلال.
ـ التعرض لجميع مجالات الإبداع.
ـ تعلم بذور العلم لأنها حبل النجاة.
ـ استخدام الأسلوب الصحيح في تربيتهم.
تقدير المراهق
ثم انتقل الدكتور الثويني إلى عناصر تقدير شخصية المراهق.. حيث عرف التقدير بداية بـ'الفهم والمراعاة ثم إعطاء الكثير من الوقت لأبنائنا'، أما عناصر هذا التقدير فهي:
أ ـ افهمني:
وهو مطلب مهم جدًا، فعلى الوالدين أن يفهما طبيعة المرحلة التي يمر بها المراهق وما يحدث فيها من تغيرات جسمية ونفسية [كالاحتلام وتدور الأنف والطمث وتغير الصوت وظهور حب الشباب].
ب ـ راعني:
حيث يتوجب على الوالدين مراعاة وتقدير أوضاع ابنهما المراهق بل واحترام نفسيته وسرعة تبدلها من حال إلى حال.. فهو الآن في مرحلة المضادات وتتحكم المزاجية في تصرفاته، ولا تعني المراعاة التغاضي عن الأخطاء والسكوت عنها.
جـ ـ انتظرني:
وفي هذه النقطة شدد د. الثويني على ضرورة تحلي الوالدين بالصبر وطول البال في تعاملهما مع المراهق.. فأعطه الفرصة في التعبير عما يريد وأنصت له واستمع إليه ولا تستعجله مهما طال حديث، فهي فرصة كبيرة متاحة للوالدين للتعرف على تفاصيل مهمة قد تحدث معه بالإضافة إلى أنها تعرفهم بأصدقائه أكثر أو تعطي الوالدين فكرة عن سلوكه في الخارج.
د ـ شوقني:
إن طبيعة مهام الوالدين نحو أبنائهما، والتي تعتمد على المراقبة والمحاسبة، تجعل علاقة الابن بالآباء رسمية بعدية عن التشويق والإثارة والسرور، ومع تعدد المسؤوليات وضيق الوقت ينجرف الأبناء وراء المشوقات الموجودة حولهم مثل [التلفزيون، التسوق، الإنترنت، الأصدقاء، الزيارات] فيقل انتماؤهم للمنزل، ويبحثون عن قدوة خارجية تدخل الفرحة أو المرح إلى قلوبهم وتشبع حاجاتهم النفسية.
وقد قسم د. الثويني إدارة بيت الأسرة إلى ثلاثة أقسام:
1ـ إدارة فندقية: وهي التي تفتقر لأي نوع من الإثارة وعناصر الجذب والتواصل، حيث يوفر الوالدان لأبنائهما كل ما يحتاجون إليه من وسائل الراحة والترفيه داخل وخارج المنزل دون تواصل بينهما [كالإدارات الفندقية والخدمات]، كما أنها تفتقر إلى المحاسبة بين الوالدين وأولادهما فيتصرف الأبناء بحرية دون رادع أو محاسب [كالهروب من المدرسة، التدخين، والتصرفات الطائشة] فتكون درجة تعرضهم للخطر أكبر ووقوعهم في الهاوية أسرع.
2ـ إدارة تربوية: ويعتمد أسلوبها على الخدمات الفندقية لكن باختلاف بسيط وهو أن يكون إشراف الأم بشكل سطحي على أفراد الأسرة دون معايشة وتواصل، كأن تشرف على عمل الخدم، وتتواجد في البيت لكي تسأل عن احتياجاتهم فقط!! ويشعر المراهق بحبها لكن هذا الحب والاهتمام غير كاف لجذبه إلى داخل المنزل ويجد متعته وقدوته خارج أسرته ومنزله، لذلك تنخفض فرص انحراف أبناء هذه الأسرة ذوات الإدارة التربوية إلى '50%'.
3ـ إدارة أسرية: وهي إدارة الأسرة التي تعتمد في أساسها على الحب والحنان والحوار والمشاورة بين أفرادها مما يضيف جوًا من التجاذب والتشويق والإثارة وارتباط الابن المراهق ارتباطًا قويًا بالأسرة، لأنها ستستوعبه في جميع حالاته، وتساعده على تفريغ ما بداخله من مشاعر، سواء غضب أو حب أو كراهية، فيجد داخل هذه الأسرة جميع احتياجاته التي تغنيه عن البحث عنها في الخارج.. وضرب لنا د. الثويني مثالاً: تستطيع الأم بجلسة بسيطة مع ابنها المراهق أن تتحدث معه بلطف وتمسح على رأسه وتمدحه وتضمه إلى صدرها وتغدق عليه بالحب والحنان، ليفرغ ما بداخله ويتحدث عما في نفسه، ومع التكرار سيتعود على هذه اللمسات الحانية، بل ويطالبك بالجلوس للتحدث والمشاورة، مما يقلل فرص الانحراف والتصرفات السلبية بالنسبة لأبناء هذه الأسرة.
كيف أشوق أبنائي؟
وبعد هذا التفصيل طرح د. الثويني سؤالاً مهمًا: كيف أشوق أبنائي؟ وكان الجواب هو: استخدموا حواسكم الخمسة في إثارة أبنائكم وتشويقهم.
فمثلاً عندما تقول الأم لابنها [أنا أحبك] فقط ثم تذهب لن يكون لهذه الكلمة أي تأثير في نفس المراهق.. لكن لو استخدمت الأم حواسها الخمسة في التعبير عن حبها لابنها سوف ينغرس في قلبه وعقله هذا الحب ويشعر به فعلاً، فتنظر لعينه مباشرة وتمسح بيدها على رأسه وتقبله على خده ثم تضمه إلى صدرها وتشم رائحته وتمدحه بلسانها. وأكد الدكتور أن استخدام الوالدين لحواسهما الخمسة في التعامل مع أبنائهما يجعل أسلوبهما أكثر تشويقًا وإثارة من أي مؤثر حول المراهق.
التواصل المرن
تطرق الدكتور الثويني إلى مهارات يمكن أن يطبقها الوالدان للوصول إلى الإبداع في التواصل بمرونة وسهولة مع المراهق:
1ـ لا تتدخل في نوعية أصدقاء ابنك إلا إذا كنت تعرفهم معرفة تامة وعليك أن تجد البديل لهؤلاء الأصدقاء:
فلا يتعدى الوالدان على حق ابنهما في اختيار أصدقائه بل يعطيانه المفاهيم والمعايير الصحيحة في كيفية اختيار الأصدقاء ثم تترك له مساحة من الحرية للمصادقة، أما عن إيجاد البديل فعلى الوالدين توضيح المعايير للابن، فمثلاً أن يقول له الأب: يجب أن يكون صديقك بارًا بوالديه، ملتزمًا بصلاته، مؤمنًا، أمينًا، صادقًا، يتصف بالأخلاق الحسنة، أو أن أجعله يصاحب مجموعات وليس أفرادًا لأن المجموعة فيها تنوع فيصبح الاختيار أكبر. لذلك شدد الدكتور على أهمية منح الابن الحرية في اختيار أصدقائه لكن ضمن معايير ومفاهيم أبينها له دون أن أفرضها عليه، بل أدعه يجرب بقلبه وعقله، ويستمر في الحصبة ويعايشها عن اقتناع.
2ـ استخدم القصة والرواية في الحوار لتجمع بين العقل والقلب:
وتعتبر القصص والروايات من أكثر الأساليب الناجحة في جذب انتباه المراهق وتشويقه لكن بشرط أن يجيد الوالدان أسلوب الحوار ويستخدما الوسيلة الصحيحة في رواية القصة، فمثلاً عند رواية القصة يجب مراعاة الأمور التالية:
1ـ الجلوس في مستوى الابن [سواء على الأرض أو التمدد على السرير].
2ـ الابتعاد عن الأسلوب الجامد واستخدام أسلوب التشويق مثلاً [غدًا نكمل القصة] والصدق في الوعد كي لا يتعلم الأبناء الكذب منك لأن الكذب يكتسب من السلوك العام.
3ـ اختيار الوسيلة الصحيحة بحيث يختار الوالدان ما يناسب ميول الأبناء من قصص [دينية، مغامرات، اجتماعية... إلخ].
ويهدف استخدام أسلوب القصة والرواية إلى توصيل المفاهيم والتصرفات التي يريدها الوالدان من أبنائهما بطريقة غير مباشرة.
3ـ استمع لأبنائك حتى لو كنت مشغولاً:
إن من أسوأ المواقف التي واجهها المراهق من والديه عدم الاستماع إليه أو إظهار الاهتمام بحديثه.. ويمكن للوالدين تجنب ذلك بالاستماع له حتى لو كانا مشغولين كأن تقول مثلاً: 'أنا مشغول الآن هل من الممكن أن نتحدث لاحقًا' أو 'تحدث باختصار شديد ثم نجلس في ولقت لاحق لنتحدث مطولاً'، أو 'تحدد له موعدًا خاصًا به، فالانشغال هو حق لكن دون أن يقطع العلاقة بين الوالدين وأبنائهما.. كما أن المراهق حساس جدًا في هذه المرحلة ويميل إلى المقارنة بين أسلوب تعامل والديه له وبين أسلوب تعامل والدي صديقه مع ابنهما.. فلا تدفعوا أبناءكم لهذا الأسلوب واستمعوا لهم حتى وأنتم مشغولون.
4ـ لا تصدر أحكامًا سريعة على تصرفات ابنك:
تتبع بعض الأسر أسلوب [إصدار الحكم] أو توجيه أوامر وأحكام فقط مثل [اذهب، لا تذهب، عيب، لا تتكلم، صح، خطأ] دون حوار أو مناقشة أو قبول أي اعتراض، فقط سياسة إصدار أحكام وأوامر، والمطلوب من الأبناء التنفيذ فقط مما ينتج عنه أبناء كذابون، غشاشون، لا يملكون ثقة بأنفسهم، ولا شخصية لهم..لكن الأسلوب الصحيح هو اتهام سلوك الابن لا ذاته وإبداء حسن الظن. وإذا أخطأ ابنك أفهمه أنك تحبه وهو ابنك الغالي لكن سلوكه وتصرفه هو الخاطئ، وهو المتهم، فأنت بذلك تحترم وتقدر ذاته وتساعده على تصحيح سلوكه الخاطئ.
5ـ لا تفرق في المعاملة بين الذكر والأنثى:
ويشدد الدكتور الثويني على هذه النقطة المهمة لاعتبارها ظاهرة طغت على بعض المجتمعات وخاصة الخليجية حيث يعطي الشاب حرية تامة في التصرفات والسلوكيات ويعطى أكثر من حقوقه، بينما تحرم البنت من أبسط حقوقها [كالخروج من المنزل والتحدث بالهاتف، والتسويق] لذلك فإن الاعتدال والمساواة في التعامل مع الشاب والفتاة، والتعامل مع البنت بأسلوب سوي، وإعطائها الكثير من الحرية بما لا يخدش الحياء والخُلق والشرف والعرف، سينشئ أبناء أسوياء، لأن الكبت يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه.
6ـ لا تطبق سياسة اسمع ونفذ:
يتبع بعض الأهل نمطية جافة في تحديد كل ما يتعلق بالأبناء، فيفرضون عليهم أمورًا تخص حياتهم دون أخذ رأيهم [كاختيار الأصدقاء، ونوعية الملابس... إلخ] وهذا الأسلوب يسبب ضغطًا كبيرًا على نفسيتهم بالإضافة إلى الضغوط التي يواجهونها بسبب التغير الشكلي في الجسم [مظاهر البلوغ] والدراسة والعلاقات مع الأصدقاء.. فلا تكونوا سببًا في زيادة الضغوط على أبنائكم واستخدموا سياسية التفريغ، فمثلاً يمكن التخلص من ضغط الدراسة بتفريغه عن طريق اللعب أو أخذ راحة لفترة معينة، أي: لعب، دراسة، وراحة.
7ـ اترك أبناءك في عزلتهم:
لا تقحم نفسك في خصوصياتهم لأنهم يميلون في هذه المرحلة إلى حب الذات ومحاسبتها، لذلك لا مانع من اختلائهم بأنفسهم قليلاً وإغلاق باب الغرفة لأكثر من ساعتين، لكن ليس ليوم وليلة، فاحترام عزلة المراهق وحسن الظن باختلائه بنفسه يعززان من ثقته بنفسه وبوالديه، لكن إذا شك الوالدان أو ظنا بأمر سوء لابد من التدخل السريع مع الاستئذان.
حياة أسرية ناجحة
وأنهى الدكتور محمد الثويني حديثه قائلاً: مرحلة المراهقة مرحلة حساسة جدًا في حياة الأبناء وتتطلب من الآباء والأمهات اهتمامًا ومتابعة مستمرين، فكونوا مربين ناجحين لأبنائكم المراهقين وحققوا المعادلة الصحيحة لحياة أسرية ناجحة وهي:
مرونة + راحة + قبول = حياة أسرية ناجحة
د. محمد الثويني ..
أنتظر ردودكم وحواركم عن الموضوع لان رأيكم غالي ومفيد